بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 24 يناير 2010

بروفيسور عربى يبتكر آلة للحصاد تنال تقديراً عالمياً


أجرى الحوار: أحمد بلح

كرمت المجموعة الاستشارية الدولية للبحوث الزراعية أخيراً البروفيسور معتصم سيد أحمد أستاذ الهندسة الزراعية فى الجامعة الأمريكية فى بيروت أثناء الاجتماع السنوى للمجموعة المنعقد فى مراكش بالمغرب فى الفترة من 3 الى 8 ديسمبر 2005 وسط جمع من أبرز علماء العالم فى مجال الغذاء والبيئة، بالإضافة إلى أكثر من 1000 مشارك من رجال الساسة، والإعلام، والمجتمع المدني يجتمعون فى كل عام بغرض تقوية وتوسيع نطاق الشراكات التى تنشط النمو الاقتصادي فى دول العالم النامي من خلال تبادل الحوار والخبرات والتجارب للوصول إلى الكيفية التى يمكن بها للبحوث الزراعية والعلوم والتكنولوجيا ومبادرات السياسات الغذائية أن تحسن على نحو أفضل حياة الفقراء. العربي العلمي كان هناك، حيث التقى بالدكتور معتصم فور نزوله من على منصة التتويج.


فى البداية، نود منكم أن تقدم بطاقة تعارف لقراء المجلة؟
• الاسم معتصم محمد سيد أحمد من مواليد السودان فى 28 أغسطس عام 1955. التحقت بجامعة الخرطوم وتخرجت منها عام 1980، ثم اتجهت لاستكمال دراستى العليا فى جامعة كاليفورنيا بأمريكا. كان موضوع شهادة الماجيستير فى تصميم الآلات الزراعية ثم استكملت دراسة الدكتوراه التى نلتها عام 1987 فى موضوع حول نظم رش المبيدات. عدت الى السودان وتوليت مهام التدريس الجامعي بجامعة الخرطوم ، وفى أوائل التسعينات اتجهت إلى كندا، حيث عملت فى التدريس بجامعة " جولف " الكندية، اتجهت بعدها إلى لبنان، حيث أعمل الآن أستاذاً فى الجامعة الأمريكية ببيروت من عام 1994 وحتى الآن.

أود التعرف على طبيعة البحث الفائز؟
• البحث الفائز بخصوص الامتياز فى ابتكار تكنولوجيا زراعية مناسبة للمنطقة، وهو تحديداً اختراع آلة لقطع وحصاد نبات " العدس" . وقد جاء هذا العمل بالاشتراك مع طالب لى هو " نزار جابر" . وكان هذا العمل جزء من رسالته للماجستير التى تمت تحت إشرافي، ونزار الآن يقوم بدراسة الدكتوراه فى اليابان.

وما هى أهمية الاختراع؟
• الأهمية ليس فقط لنبات العدس ولكن سيقانه أيضاً، حيث أنها تحتوي على نسبة بروتين عالية مفيدة جداً كغذاء وعلف للحيوان. ومعظم المزارعين فى المنطقة يحتاجون لهذا النوع من الحصاد الذى كان يتسم فى الماضي بصعوبة بالغة، لكننا استطعنا أن نبذل جهداً بحثياً خلال العامين الماضيين كلل بالنجاح، وقد استطعنا فى نهاية هذا البحث الحصول على 80 % من سيقان العدس و98 % من نتاج الحبوب، بحيث يصبح قيمة الفاقد من هذا المحصول ضيئلة جداً.


ولكن ما هى مشكلات حصاد نبات العدس؟
• يوجد عدد من المعوقات التى تواجه الفلاح أثناء جمع وحصاد نبات العدس، أبرزها أن العدس يتشتت فى الأرض، وعندما نشرع فى عملية الحصاد فإن وسائل الحصاد التقليدية تتسبب فى انكباب جزء كبير من حبوب العدس على الأرض. ويعيب حبوب العدس أنها قريبة جدا من الأرض، وعادة ما يكون هناك تفاوت بين السيقان في عملية النضوج، بالإضافة إلى أنها تزرع على المناطق الهامشية من الأرض الزراعية وهى مناطق تنتشر فيها الحجارة مما يعوق عمل وسائل الحصاد التقليدية، من هنا جاء فكرة اختراع آلة لا تتأثر بوجود هذه الحجارة وتستطيع أن تتحصل على الحبوب والسيقان.


وكم هى عدد السنوات التى استغرقها العمل فى البحث؟
• استغرق البحث مدة أربع سنوات، و كنت قد قضيت سنتين أيضاً لدراسة طبيعة هذا النبات، ومشكلات الحصاد.


أرجو أن تشرح لنا وبشكل مبسط تركيب هذه الآلة؟
• تتكون آلة القطع من مقص دوراني يقوم بمهمة الحصاد، ويتكون من أسطوانة مسننة وأخرى بها فتحة دائرية على طول محيطها الخارجي لتمر فيها أسنان الاسطوانة المسننة أثناء عملية القطع. وبالإضافة إلى المقص، يوجد حزامان للتغذية يتوليا تشغيل اسطوانات المقص الدوراني واستلام النباتات التي تم حصدها من المقص وتمريرها إلى جهاز الرفع والذي بدوره يقوم بحمل المحصول إلى خزان موجود فى الماكينة أو إلى أجهزة الهرس والفرز المسئولة عن فرز الحبوب في حالة وجودها. ويمكن أن تلحق الآلة بحاصدة كاملة أو بحاصدة مصممة لقطع المحصول وتخزينه لحين الهرس والفرز في عمليات لاحقة، وهذا هو الخيار الأفضل في المناطق التي تشيع فيها الزراعة في مساحات صغيرة كما هو الحال في لبنان ومعظم مناطق غرب آسيا وشمال أفريقيا.

لكن، لماذا يتم زراعة العدس داخل نطاق الأرض المهمشة كما ذكرت سيادتكم؟
• يتميز العدس بالقدرة على النمو والعيش فى مثل هذه الأراضي، لذا يفضل الاستفادة من هذه الخصائص على أن تترك الأراضي الصالحة لزراعة أنواع أخرى.

وما هل توجد خصائص آخرى مميزة لهذا النبات؟
• من أهم خصائص العدس التى تجعله صالحاً للزراعة فى المناطق العربية قدرته على تحمل الجفاف وبقوة، كما يمكنه الاعتماد على الري، وهو أيضاً ينمو ويعيش على ماء المطر، وبالتالى يمكنه التعايش مع ظروف مختلفة. وفى المعتاد يكتفى المزارعون بزراعته فى المناطق البور اعتماداً على قدرته التعايش فى مثل هذه المناطق على ماء المطر.

بالنسبة لعلم الهندسة الزراعية، ماهى مجالات هذا العلم، وماذا عن آخر التطورات العالمية والحديثة فى هذا المجال؟
• الهندسة الزراعية هى استخدام علوم الهندسة لخدمة الزراعة لذلك فهى تجمع كل أنواع العلوم الهندسية كالهندسة المدنية والهندسة الكيميائية التى تخدم مجال الزراعة، وحديثاً توسع هذا المجال ليشمل العلوم البيولوجية أيضاً، فأصبحت الهندسة الزراعية والبيولوجية مجالاً علمياً واحداً لا ينحاز لجانب على حساب الأخر، ولم يعد يكفى قصر الدراسة على مجال دون الأخر، حيث تداخل العلمان معاً وأصبحا علماً واحداً، وقامت الجامعات بتوسعة إطار هذا المجال ليشمل الزراعة والبيولوجيا معاً، حتى أن هيئة كبيرة مثل جمعية المهندسين الزراعيين الأمريكية انتبهت لذلك فعمدت إلى تغيير اسمها إلى جمعية المهندسين الزراعيين والبيولوجيين.


وماذا عن أهم الأبحاث التى تقومون بها بعد الانتهاء من انجازكم الجائز على الجائزة ؟
• اعمل الآن على محاولة فهم آليات رش المبيدات بالشكل الأمثل وكيفية توزيعها على المساحات الزراعية بكفاءة عالية، وهى مشكلة فى غاية الأهمية، حيث أننا نعانى فى عالمنا العربي من عمليات الرش الجائر وغير المنظم، وهى مشكلة غالباً ما تنعكس بالسلب على صحة المزارعين أو التجمعات السكانية التى تعيش بجوار أراضي زراعية.

نود أن نعرف منكم أهم التقنيات الحديثة المستخدمة لهذا الغرض؟
• تعتمد نظم الرش على نوع المبيد ودرجة سيولته ودرجة الالتصاق بأوراق النبات، وفوهة مضخة الرش المستخدمة والضغط المستخدمة وكمية السريان وسرعة الرياح وطبيعة الأرض التى يتم رشها، وكثافة أوراق وسيقان النبات، وهنالك طرق حديثة تعتمد على استخدام الكمبيوتر الذى يتولى برمجة كل هذه العوامل المتداخلة والعلاقات المعقدة ليساعد المزارع على الاستخدام الأمثل للمبيد، وبالنسبة للمجموعة البحثية التى تعمل معي تمثل كل هذه العوامل المعطيات أو المدخلات التى يتم دمجها داخل الكمبيوتر للحصول على نتائج نستفيد منها فى تصميم أجهزة جديدة تمكنا من الرش بكفاءة أفضل.

وهل من روشتة نستطيع أن تقدمها للمزارع البسيط للتعامل الأمثل مع المبيدات ؟
• ضرورة التعامل مع المرشد الزراعي، حيث لا ينبغى أبداً أن ينطلق الفلاح فى مثل هذه الأمور الفنية دون استشارة المختص، وعليه أن يمتنع من السير وراء رغبة التاجر الذى يشترى منه المحصول، حيث أن التجار عادة ما يضغطون على الفلاحين بغية الحصاد المبكر، وبالتالى ضمان مكاسب أكثر، فى حين من المعروف أن بعض هذه المبيدات تتكسر عندما تترك على الثمار المادة الكافية بفعل العوامل الطبيعية كأشعة الشمس. وأنصح المزارع أيضاً أن يتقى الله فى جيرانه وأهالي المناطق المجاورة لمزروعاته، إذ ينبغى عليه أن يوقف عمليات الرش فى حال إن كانت هناك رياح قوية قد تحمل المبيدات الى هذه المناطق.


كباحث عربي درس وعمل بالخارج ثم عاد لأرض الوطن، بماذا تنصح المسئولين فى حكوماتنا العربية للحد من هجرة العقول العربية؟
• أنا فى رأى أن ذلك يعود لعدم وجود استراتيجية واضحة لدى هؤلاء المسئولين تضمن عدم هروب هذه الكفاءات فهذه مسئولية الحكومات بينما يتمثل دور الجامعات فى إعداد التخصصات المطلوبة لسوق العمل أو حركة البحث العلمي، وبدون هذه الاستراتيجية تصبح الجامعات كالمدارس ليس لها علاقة بحركة البحث العلمي.


فى النهاية نود أن نعرف إن كانت هناك مشاريع مشتركة لك مع بلدكم السودان ؟
• توجد محاولات، وتحديداً فى هذا المؤتمر تحدثت فى هذا الجانب مع بعض المسئولين السودانيين الموجودين هنا عن إمكانية إقامة مثل هذا التعاون. ومن ناحيتى أعترف أن هذا التعاون مازال ليس بالدرجة الكافية، لكنى فى ذات الوقت ارحب بأى مجال للتعاون سواء مع بلدي السودان أو أى بلد عربي آخر.

ـــــــــــ
الحوار منشور في مجلة العربي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق